هبطت اليابان بأول مسبار لها على الإطلاق على سطح القمر، في محاولة للتغلب على عام من الانتكاسات في مجال الفضاء، لكن وضع المسبار لم يتضح على الفور. وقد هبطت مركبة الفضاء «سليم»، الملقبة بـ «قناص القمر»، بعد حوالي 20 دقيقة من منتصف الليل بتوقيت اليابان صباح يوم السبت الماضي. صُممت المركبة خفيفة الوزن للهبوط على مسافة 100 متر (328 قدماً) من هدفها، وقد تم إطلاقها في سبتمبر بوساطة صاروخ الحمولة الثقيلة «إتش 2-إيه» H2-A الذي شاركت في تطويره شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية. وذكرت وكالة الفضاء اليابانية «جاكسا»، أن المركبة هبطت إلى السطح، لكن الوكالة لم تتمكن من التحقق على الفور من حالة المركبة.
وأنهت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية بثها المباشر دون تأكيد حالة «سليم»، لكنها تخطط لإطلاع الصحفيين على آخر المستجدات في مؤتمر صحفي قادم. إن الهبوط الناعم الناجح - حيث يتم إيقاف المركبة الفضائية بشكل مسيطر عليه - لمركبة الهبوط الذكية لاستكشاف القمر من شأنه أن يضع اليابان مع مجموعة من الدول التي حققت هذا الإنجاز من قبل: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والصين والهند. كان الاستبعاد من نادي النخبة نقطة حساسة لليابان التي تغلبت على منافستها اللدودة الص
ين في إطلاق أول قمر صناعي لها في عام 1970، لكنها تراجعت منذ ذلك الحين عن سلسلة من النجاحات الفضائية الصينية البارزة. ويشمل ذلك نجاح الصين في أول هبوط ناعم على الإطلاق في العالم على الجانب البعيد من القمر في عام 2019، والهبوط على المريخ في عام 2021. وتفوقت الهند على اليابان أيضاً، إذ نجحت في محاولتها الثانية في أغسطس الماضي بالهبوط بالقرب من القطب الجنوبي للقمر.
وبينما أرسل الأميركيون والسوفييت مركبات فضائية إلى القمر خلال الحرب الباردة، كافحت الولايات المتحدة وروسيا لمحاولة العودة: تحطمت المركبة الفضائية الروسية «لونا 25» في أغسطس الماضي، وفشلت مهمة مدعومة من وكالة «ناسا» من شركة أستروبوتيك تكنولوجي الناشئة في بيتسبرج هذا الشهر. بالنسبة لليابان، كان الهبوط على القمر أكثر صعوبة، إذ فقدت وكالتها الفضائية، جاكسا، الاتصال بمركبة الهبوط على سطح القمر في أواخر عام 2022، وكذلك فشلت شركة «آي سبيس» ومقرها طوكيو في الاتصال بمركبة متجهة إلى القمر في أبريل الماضي. وتشمل الانتكاسات الأخرى الإطلاق الفاشل لصاروخ جاكسا «إتش3» الثقيل، والذي فشل بعد إقلاعه في مارس الماضي ولم يتمكن من التحليق منذ ذلك الحين.
وفي الوقت نفسه، تم إيقاف صاروخ «إبسيلون» الأصغر التابع لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية أيضا، بعد انفجار وقع في أكتوبر 2022. في مقابلة أجراها يوم الجمعة، قال «تاكيشي هاكامادا»، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «آي سبيس»، إن إمكانية استهداف المركبة «سليم» لمواقع هبوط أكثر تحديداً يجب أن تساعد أيضا الجهود المستقبلية لاستكشاف الموارد مثل المياه، وربما زيادة الطلب على القيام بالمهام القمرية. وقد انضمت الشركات اليابانية الكبرى بالفعل إلى الجهود الرامية إلى تعزيز قوة البلاد في مجال رحلات الفضاء.
تعد شركة تويوتا موتور شريكاً لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية في تطوير مركبة متجولة على القمر، وتعمل شركة هوندا موتور مع الوكالة لتصميم نظام لإنتاج الأكسجين والهيدروجين والكهرباء على القمر. وتشمل قائمة شركاء شركة آي سبيس شركة الخطوط الجوية اليابانية، وشركة «ميتسوي سوميتومو» للتأمين، وشركة «سيتيزن ووتش».
ومن شأن الهبوط الناجح على سطح القمر أيضاً أن يحسن مكانة وكالة استكشاف الفضاء اليابانية، حيث تضع الحكومة اللمسات الأخيرة على خطة لمنح الوكالة مبلغاً قدره تريليون ين (6.8 مليار دولار) على مدى 10 سنوات لدعم شركات الفضاء والباحثين. وقال «لويجي سكاتيا»، رئيس ممارسات الفضاء العالمية في شركة «بي دبليو سي» PwC الاستشارية: «في اليابان، هناك إجماع قوي على أن هناك اقتصاداً كبيراً على القمر على وشك التطور في العقود المقبلة.
وتريد الدولة أن تكون من الرواد في استغلال ذلك». كما تحتاج اليابان إلى أن تلعب وكالة استكشاف الفضاء اليابانية دوراً أمنياً أكبر في الفضاء، وفي وقت سابق من هذا الشهر أضافت الوكالة إلى شبكة أقمار التجسس الصناعية في البلاد. وتريد الحكومة زيادة حجم الأسطول المداري للبلاد لمواكبة جيرانها، بما في ذلك الصين، التي تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد أقمار التجسس في المدار. وقالت «سعدية بيكانين»، مديرة برنامج قانون الفضاء والبيانات والسياسات بجامعة واشنطن: «هناك بالتأكيد سباق على تقنيات الفضاء في المنطقة. وبالنسبة لليابان، هذه الحقائق تعني تعزيزاً أكبر لقدرات المراقبة والاتصالات الفضائية للأغراض العسكرية».
نيكولاس تاكاهاشي*
*صحفي لدى بلومبيرج يغطي أخبار السيارات والبطاريات والفضاء.
بروس أينهورن**
** -مراسل وكالة بلومبيرج في هونج كونج.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»